المبدأ الاصلاحي الرابع
إلغاء الإقطاع وتنظيم الاقتصاد القومي على أساس الإنتاج وإنصاف العمل وصيانة مصلحة الأمة والدولة .
هل في سورية إقطاع ونظام إقطاعي؟ لا ونعم. لا، لأن الإقطاع غير معترف به قانونياُ. ونعم، لأن في سورية، في جهات متفرقة، حال إقطاعية من الوجهتين الاقتصادية والاجتماعية. إن في سورية إقطاعات حقيقية تؤلف جزءاً لا يستهان به من ثروة الأمة، ولا يمكن بوجه من الوجوه حسبانها ملكاُ شخصياُ، ومع ذلك فهي لا تزال وقفاً على “بكوات” إقطاعيين يتصرفون بها أو يهملونها كيفما شاؤوا، مهما كان في ذلك من الضرر للمصلحة القومية. ومنهم فئة تهمل هذه الإقطاعات وتغرق في سوء التصرف بها إلى حد يوقعها في عجز مالي ينتهي بتحويل الأرض إلى المصارف الأجنبية، الرسمال الأجنبي، البلوتكراطية الأجنبية. والحزب السوري القومي الاجتماعي يعتبر أن وضع حد لحالة من هذا النوع تهدد السيادة القومية والوحدة الوطنية، أمر ضروري جداً.
إن هذه الإقطاعات كثيراً ما يكون عليها مئات وألوف من الفلاحين يعيشون عيشة زرية في حالة من الرق يرثى لها. وليست الحالة التي هم عليها غير إنسانية فحسب، بل هي منافية لسلامة الدولة بإبقائها قسماً كبيراً من الشعب العامل والمحارب في حالة مستضعفة، وخيمة العاقبة على سلامة الأمة والوطن، فضلاً عن إبقائها قسماً كبيراً من ثروة الأمة في حوزتها وفي حالة سيئة من الاستعمال. إن الحزب السوري القومي الاجتماعي لا يستطيع السكوت على هذه الحالة. أما تنظيم الاقتصاد القومي على أساس الإنتاج فهو الطريقة الوحيدة لإيجاد التوازن الصحي بين توزيع العمل وتوزيع الثروة. كل عضو في الدولة يجب أن يكون منتجاً بطريقة من الطرق.
وفي حالة من هذا النوع يتوجب تصنيف الإنتاج والمنتجين، بحيث يمكن ضبط التعاون والاشتراك في العمل على أوسع قياس ممكن، وضبط نوال النصيب العادل من النتاج، وتأمين الحق في العمل والحق في نصيبه.
يضع هذا المبدأ حداً للتصرف الفردي المطلق في العمل والإنتاج، الذي يجلب أضراراً اجتماعية كبيرة، لأنه ما من عمل أو إنتاج في المجتمع إلا وهو عمل أو إنتاج مشترك أو تعاوني. فإذا ترك للفرد الرسمالي حرية مطلقة في التصرف بالعمل والإنتاج، كان لا بد من وقوع إجحاف بحق العمل وكثير من العمال. إن ثروة الأمة العامة يجب أن تخضع لمصلحة الأمة العامة وضبط الدولة القومية.
لا يمكن تنمية موارد القوة والتقدم في الدولة إلى الحد الأعلى إلا بهذا المبدأ وهذه الطريقة. إن الحزب السوري القومي الاجتماعي يريد وحدة قومية متينة، قوية تثبت بها الأمة السورية في معترك الحياة والتفوق. وهذه الوحدة القومية القوية لا يمكن أن تحصل ضمن نظام اقتصادي سيء، كما أنه لا يمكن أن تحصل ضمن نظام اجتماعي سيء. فإقامة العدل الاجتماعي ــ الحقوقي والعدل الاقتصادي ــ الحقوقي أمر ضروري لفلاح النهضة السورية القومية الاجتماعية.
إن الإنتاج المشترك هو حق عام لا حق خاص. والرسمال الذي هو ضمان استمرار الإنتاج وزيادته هو، بالتالي، وبما أنه حاصل الإنتاج، ملك قومي عام مبدئياً، وإن كان الأفراد يقومون على تصريف شؤونه بصفة مؤتمنين عليه وعلى تسخيره للإنتاج. وإن الاشتراك في الإنتاج، اشتراكاُ فعلياُ، شرط للاشتراك في الحق العام. بهذا التنظيم الاقتصادي نؤمن نهضتنا الاقتصادية وتحسين حياة ملايين العمال والفلاحين وزيادة الثروة العامة وقوة الدولة القومية الاجتماعية.