المبدأ الاصلاحي الثاني
منع رجال الدين من التدخل في شؤون السياسة والقضاء القوميين.
الحقيقة أنه ليس لهذا المبدأ صفة مجردة عن المبدأ السابق، ولم يكن لزوم لوضع معناه في مادة مستقلة، لولا ما ذكرناه من محاولة المؤسسات الدينية الاحتقاظ بصفة السلطة المدنية، أو اكتساب هذه الصفة، حتى بعد وضع مبدأ فصل الدين عن الدولة موضع التنفيذ. والمقصود منه هو وضع حد لتدخل المؤسسات الدينية مداورة (غير مباشرة) في مجرى الشؤون المدنية والسياسية وبسط نفوذها بقصد تحويل سياق الأمور ليكون في مصلحتها.
إن هذا المبدأ يعين ما يفهم من فصل الدين عن الدولة، لكي لا يبقى المعنى حائراً معرضاُ لتأويلات غير صحيحة. فالإصلاح يجب ألا يقتصر على الوجهة السياسية وأن يتناول الوجهة الحقوقية ــ القضائية أيضاً.
إن الأحوال القومية المدنية والحقوق العامة لا يمكن أن تستقيم حيث القضاء متعدد أو متضارب ومقسم على المذاهب الدينية الأمر الذي يمنع وحدة الشرائع الضرورية لوحدة النظام.
لا بد، للدولة القومية الاجتماعية، من وحدة قضائية ــ وحدة شرعية. وهذه الوحدة، التي تجعل جميع أعضاء الدولة يحسون أنهم متساوون أمام القانون الواحد، هي أمر لا غنى عنه.
لا يمكن أن تكون لنا عقلية واحدة ونعمل بمفاهيم مختلفة متنافية مع وحدة المجتمع.